الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
لما كان القضاء فرع الأداء أخره وقد قسم الأصوليون المأمور به إلى أداء وإعادة وقضاء فالأداء ابتداء فعل الواجب في وقته المقيد به سواء كان ذلك الوقت العمر أو غيره وإنما لم نقل أنه فعل الواجب كما قال غيرنا لأنه لا يشترط فعله كله في وقته ليكون أداء لأن وجود التحريمة في الوقت كاف لكون الفعل أداء والإعادة فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع وهو المراد بقولهم كل صلاة أديت مع كراهة التحريم فسبيلها الإعادة فكانت واجبة فلذا دخلت في أقسام المأمور به والقضاء له تعريفان أحدهما على المذهب الصحيح من أن القضاء يجب بما يجب به الأداء هو فعل الواجب بعد وقته وإن عرف بما يشمل غير الواجب من السنن التي تقضى فيبدل الواجب بالعبادة فيقال هو فعل العبادة بعد وقتها ولا يكون خارجا عن المقسم لأن المندوب مأمور به أيضا بقوله تعالى: {وافعلوا الخير} لكنه مجاز فلهذا لم يدخله أكثرهم في تعريفه وإطلاق القضاء في عبارة الفقهاء على ما ليس بواجب مجاز كما وقع في عبارة المختصر حيث قال وقضى التي قبل الظهر وكذا إطلاق الفقهاء القضاء للحج بعد فساده مجاز إذ ليس له وقت يصير بخروجه قضاء ثانيهما على القول المرجوح من أن القضاء يجب بسبب جديد فهو تسليم مثل الواجب ومن زاد عليه بالأمر كصاحب المنار فقد تناقض كلامه لأن المفعول بعد الوقت عين الواجب بالأمر لا مثله إذ المستفاد من الأمر طلب شيئين الفعل وكونه في وقته فإذا عجز عن الثاني لفواته بقي الأمر مقتضيا للأول فتصريحه بالمثل مقتض لكونه بسبب جديد وتصريحه بالأمر مقتض لكونه عينه وتمام تحقيقه في كتابنا المسمى بلب الأصول مختصر تحرير الأصول ولم يظهر للاختلاف المذكور في سبب القضاء أثر كما يعلمه من طالع كتب الأصول وفي كشف الأسرار أن المثلية في القضاء في حق إزالة المأثم لا في إحراز الفضيلة. ا هـ. والظاهر أن المراد بالمأثم ترك الصلاة فلا يعاقب عليها إذا قضاها وأما إثم تأخيرها عن الوقت الذي هو كبيرة فباق لا يزول بالقضاء المجرد عن التوبة بل لا بد منها هذا ويجوز تأخير الصلاة عن وقتها لعذر كما قال الولوالجي في فتاويه القائلة إذا اشتغلت بالصلاة تخاف أن يموت الولد لا بأس بأن تؤخر الصلاة وتقبل على الولد لأن تأخير الصلاة عن الوقت يجوز بعذر ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخر الصلاة عن وقتها يوم الخندق» وكذا المسافر إذا خاف من اللصوص وقطاع الطريق جاز لهم أن يؤخروا الوقتية لأنه بعذر ا هـ. وفي المجتبى الأصح أن تأخير الفوائت لعذر السعي على العيال وفي الحوائج يجوز قيل وإن وجب على الفور يباح له التأخير وعن أبي جعفر سجدة التلاوة والنذر المطلق وقضاء رمضان موسع وضيق الحلواني والعامري ا هـ. وذكر الولوالجي من الصوم أن قضاء الصوم على التراخي وقضاء الصلاة على الفور إلا لعذر. (قوله: والترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت مستحق) مفيد لشيئين أحدهما بالعبارة والآخر بالاقتضاء أما الثاني فهو لزوم قضاء الفائتة فالأصل فيه أن كل صلاة فاتت عن الوقت بعد ثبوت وجوبها فيه فإنه يلزم قضاؤها سواء تركها عمدا أو سهوا أو بسبب نوم وسواء كانت الفوائت كثيرة أو قليلة فلا قضاء على مجنون حالة جنونه ما فاته في حالة عقله كما لا قضاء عليه في حالة عقله لما فاته حالة جنونه ولا على مرتد ما فاته زمن ردته ولا على مسلم أسلم في دار الحرب ولم يصل مدة لجهله بوجوبها ولا على مغمى عليه أو مريض عجز عن الإيماء ما فاته في تلك الحالة وزادت الفوائت على يوم وليلة ومن حكمه أن الفائتة تقضى على الصفة التي فاتت عنه إلا لعذر وضرورة فيقضي المسافر في السفر ما فاته في الحضر من الفرض الرباعي أربعا والمقيم في الإقامة ما فاته في السفر منها ركعتين كما سيأتي في آخر صلاة المسافر وقد قالوا إنما تقضى الصلوات الخمس والوتر على قول أبي حنيفة وصلاة العيد إذا فاتت مع الناس على تفصيل يأتي في بابها وسنة الفجر تبعا للفرض قبل الزوال والقضاء فرض في الفرض واجب في الواجب سنة في السنة ثم ليس للقضاء وقت معين بل جميع أوقات العمر وقت له إلا ثلاثة وقت طلوع الشمس ووقت الزوال ووقت الغروب فإنه لا تجوز الصلاة في هذه الأوقات لما مر في محله وأما الأول وهو الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت فهو واجب عندنا يفوت الجواز بفوته فهو شرط كما صرح به في المحيط لكنه ليس بشرط حقيقة لأن بتركه لا تفوت الصحة أصلا بل الأمر موقوف كما سيأتي ولو كان شرطا لم يسقط بالنسيان كغيره من الشروط ولما لم يكن واجبا اصطلاحيا ولا فرضا لعدم قطعية الدليل ولا شرطا كذلك من كل وجه أبهم أمره فعبر بالاستحقاق والدليل على وجوبه ما في الصحيحين من حديث جابر أن {عمر بن الخطاب شغل بسبب كفار قريش يوم الخندق وقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب فقال: عليه الصلاة والسلام والله ما صليتها قال: فنزلنا بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعدما غربت الشمس وصلينا بعدها المغرب» ولو كان الترتيب مستحبا لما أخر عليه الصلاة والسلام لأجله المغرب التي تأخيرها مكروه بناء على أن الكراهة للتحريم فلا ترتكب لفعل مستحب وبناء على أن التأخير قدر أربع ركعات مكروه، لكن لا دليل على كونه واجبا يفوت الجواز بفوته، وقد أطال فيه المحقق في فتح القدير إطالة حسنة كما هو دأبه وغرضنا في هذا الكتاب تحرير المذهب في الأحكام لا تحرير الدلائل وأما الترتيب بين الفوائت فلما رواه أحمد وغيره من أنه عليه الصلاة والسلام: «شغل عن أربع صلوات يوم الخندق فقضاهن مرتبة» وقال في حديث آخر: «صلوا كما رأيتموني أصلي» فدل على الوجوب قيد بالفائتة لأن غير الفائتة لا يقضى ولهذا قال في الظهيرية والخلاصة رجل يقضي صلوات عمره مع أنه لم يفته شيء منها احتياطا قال بعضهم يكره وقال بعضهم لا يكره لأنه أخذ بالاحتياط لكنه لا يقضي بعد صلاة الفجر ولا بعد صلاة العصر ويقرأ في الركعات كلها الفاتحة مع السورة. ا هـ. وقد قدمنا عن مآل الفتاوى أنه يصلي المغرب أربعا بثلاث قعدات وكذا الوتر وذكر في القنية قولين فيها وأن الإعادة أحسن إذا كان فيها اختلاف المجتهدين وقد قدمنا أن الإعادة فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع وظاهره أن بخروج الوقت لا إعادة ويتمكن الخلل فيها مع أن قولهم كل صلاة أديت مع الكراهة فسبيلها الإعادة وجوبا مطلق وفي القنية ما يفيد التقييد بالوقت فإنه قال إذا لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده ثم رقم رقما آخر أن الإعادة أولى في الحالتين ا هـ. فعلى القولين لا وجوب بعد الوقت فالحاصل أن من ترك واجبا من واجباتها أو ارتكب مكروها تحريميا لزمه وجوبا أن يعيد في الوقت فإن خرج الوقت بلا إعادة أثم ولا يجب جبر النقصان بعد الوقت فلو فعل فهو أفضل ولهذا حمل صاحب القنية قولهم بكراهة قضاء صلاة عمره مرة ثانية على ما إذا لم يكن فيها شبهة الخلاف ولم تكن مؤداة على وجه الكراهة وفي التجنيس وغيره رجل فاتته صلاة من يوم واحد ولا يدري أي صلاة هي يعيد صلاة يوم وليلة لأن صلاة يوم كانت واجبة بيقين فلا يخرج عن عهدة الواجب بالشك وإذا شك في صلاة أنه صلاها أم لا فإن كان في الوقت أن يعيد لأن سبب الوجوب قائم وإنما لا يعمل هذا السبب بشرط الأداء قبله وفيه شك وإن خرج الوقت ثم شك فلا شيء عليه لأن سبب الوجوب قد فات وإنما يجب القضاء بشرط عدم الأداء قبله وفيه شك وإن شك في نقصان الصلاة أنه ترك ركعة وإن لم يفرغ من الصلاة فعليه إتمامها ويقعد في كل ركعة وإن شك بعدما فرغ وسلم لا شيء عليه لما قلنا ا هـ. وذكر في الخلاصة في مسألة الشك في الصلاة هل صلاها أو لا وكان في الوقت لو كان الشك في صلاة العصر يقرأ في الركعة الأولى والثانية ولا يقرأ في الثالثة والرابعة ا هـ. وكان وجهه أن التنفل بعد صلاة العصر مكروه فإن قرأ في الكل أو في الأوليين كان متنفلا بالأربع أو بالأوليين على تقدير أنه صلى الفرض أولا وإذا ترك القراءة في ركعة من كل شفع تمحض للفرض على تقدير أنه لم يصل أو للفساد على تقدير أنه صلى الفرض أولا فلم يكن متنفلا على كل تقدير لكن مقتضاه أن يقول يقرأ في كل شفع من الشفعين في ركعة ويترك القراءة في ركعة من كل شفع من غير تعيين الأولى والثانية للقراءة لأن القراءة في الفرض في ركعتين غير عين كما سبق تقريره وقد يقال إن التنفل المكروه والقصدي وهذا ليس كذلك فلا يكون مكروها كما لا يخفى فيقرأ في الأولين أو في الكل وفي الحاوي القدسي لو شك في إتمام صلاته فأخبره عدلان أنك لا تتم أعاد وبقول الواحد لا تجب الإعادة ا هـ. وفيه بحث لأن خبر الواحد العدل مقبول في الديانات اللهم إلا أن يقال إن فيه إلزاما من كل فشابه حقوق العباد وقيده في المحيط بالإمام وعلله لأنها شهادة لأن حكمه يلزم الغير دون المخبر وشهادة الفرد لا تقبل ا هـ. فيفيد أنه لو لم يكن إماما فقول الواحد مقبول فإطلاق الحاوي ليس بالحاوي وفي الحاوي أيضا لو تذكر أنه ترك القراءة في ركعة من صلاة يوم وليلة قضى الفجر والوتر ا هـ. ووجهه إن ترك القراءة في ركعة واحدة لا يبطلها في سائر الصلوات إلا الفجر والوتر وينبغي تقييده بأن لا يكون مسافرا أما لو كان مسافرا فينبغي أن يعيد صلاة يوم وليلة كما لا يخفى وفي المحيط رجل صلى شهرا ثم تذكر أنه ترك عشر سجدات من هذه الصلوات يقضي صلوات عشرة أيام لجواز أنه ترك كل سجدة في يوم ا هـ. وتوضيحه أن العشر سجدات تجعل مفرقة على عشر صلوات احتياطا فصار كأنه ترك صلاة من صلوات كل يوم وإذا ترك صلاة ولم يرد تعينها يقضي صلاة يوم كامل فلزمه قضاء العشرة الأيام وفي القنية صبي بلغ وقت الفجر ولم يصل الفجر وصلى الظهر مع تذكره يجوز ولا يجب الترتيب بهذا القدر ا هـ. وهو إن صح يكون مخصصا للمتون وفي صحته نظر عندي لأنه بالبلوغ صار مكلفا اللهم إلا أن يكون جاهلا به فيعذر لقرب عهده من زمن الصبا. (قوله: ويسقط بضيق الوقت) أي يسقط الترتيب المستحق بضيق وقت المكتوبة لأنه وقت للوقتية بالكتاب ووقت للفائتة بخبر الواحد وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» والكتاب مقدم على خبر الواحد فلو قدم الفائتة في هذه الحالة ولم يكن وقت كراهة فهي صحيحة لأن النهي عن تقديمها لمعنى في غيرها وهو لزوم تفويت الوقتية وهو لا يعدم المشروعية واختلف في المراد بالنهي هنا فقيل نهي الشارع لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده وقيل نهي الإجماع لإجماعهم على أنه لا يقدم الفائتة وهو الأصح كذا في المعراج وإنما قلنا صحيحة ولم نقل جائزة لأن هذا الفعل حرام كما لو اشتغل بالنافلة عند ضيق الوقت يحكم بصحتها مع الإثم وتفسير ضيق الوقت أن يكون الباقي منه لا يسعهما معا عند الشروع في نفس الأمر لا بحسب ظنه حتى لو ظن ضيقه فصلى الوقتية فلما فرغ ظهر أن فيه سعة بطل ما أداه وفي المجتبى ومن عليه العشاء فظن ضيق وقت الفجر فصلاها وفي الوقت سعة يكررها إلى أن تطلع الشمس وفرضه ما يلي الطلوع وما قبله تطوع ولو كان فيه سعة عند الشروع فشرع في الوقتية وأطال القراءة فلما فرغ ضاق الوقت بطل ما أداه واختلفوا فيما إذا كان الباقي منه يسع بعض الفوائت فقط فظاهر كلامهم ترجيح أنه لا تجوز الوقتية ما لم يقض ذلك البعض وفي المجتبى خلافه فإنه ولو فاتته أربع والوقت لا يسع إلا الفائتتين والوقتية فالأصح أنه تجوز الوقتية. ا هـ. وظاهر كلام المصنف اعتبار أصل الوقت في الضيق لا الوقت المستحب ولم يذكر في ظاهر الرواية ولذا وقع الاختلاف فيه بين المشايخ ونسب الطحاوي الأول إلى أبي حنيفة وأبي يوسف والثاني إلى محمد كما في الذخيرة وثمرته تظهر فيما لو تذكر في وقت العصر أنه لم يصل الظهر وعلم أنه لو اشتغل بالظهر يقع قبل التغير ويقع العصر أو بعضها فيه فعلى الأول يصلي الظهر ثم العصر وعلى الثاني يصلي العصر ثم الظهر بعد الغروب واختار الأول قاضي خان في شرح الجامع الصغير وذكره بصيغة عندنا وفي المبسوط وأكثر مشايخنا على أنه يلزمه مراعاة الترتيب هاهنا عند علمائنا الثلاثة وصحح في المحيط الثاني فقال والأصح أنه يسقط الترتيب لما فيه من تغيير حكم الكتاب وهو نقصان الوقتية بخبر الواحد وذلك لا يجوز ا هـ. فعلى هذا المراد يسقط بضيق الوقت المستحب ورجحه في الظهيرية بما في المنتقى من أنه إذا افتتح العصر في أول وقتها وهو ناس للظهر ثم احمرت الشمس ثم ذكر الظهر مضى في العصر قال فهذا نص على أن العبرة للوقت المستحب ا هـ. فحينئذ انقطع اختلاف المشايخ لأن المسألة حيث لم تذكر في ظاهر الرواية وثبتت في رواية أخرى تعين المصير إليها وفي المجتبى إن لم يمكنه أداء الوقتية إلا مع التخفيف في قصر القراءة والأفعال فيرتب ويقتصر على أقل ما تجوز به الصلاة. (قوله: والنسيان) أي ويسقط الترتيب بالنسيان وهو عدم تذكر الشيء وقت حاجته وهو عذر سماوي مسقط للتكليف لأنه ليس في وسعه ولأن الوقت وقت للفائتة بالتذكر وما لم يتذكر لا يكون وقتا لها ومما ألحق بالنسيان الظن فليس مسقطا رابعا كما قد يتوهم فهو قسمان معتبر وغير معتبر واختلفت عباراتهم فيه ففي كشف الأسرار شرح أصول فخر الإسلام أن الظن إنما يكون معتبرا إذا كان الرجل مجتهدا قد ظهر عنده أن مراعاة الترتيب ليست بفرض فهو دليل شرعي كالنسيان وأما إذا كان ذاكرا وهو غير مجتهد فمجرد ظنه ليس بدليل شرعي فلا يعتبر ا هـ. فجعل المعتبر ظن المجتهد لا غيره وذكر شارحو الهداية كصاحب النهاية وفتح القدير أن فساد الصلاة إن كان قويا كعدم الطهارة استتبع الصلاة التي بعده وإن كان ضعيفا كعدم الترتيب لا يستتبع وفرعوا على ذلك فرعين أحدهما لو صلى الظهر بغير طهارة ثم صلى العصر ذاكرا لها وجب عليه إعادة العصر لأن فساد الظهر قوي لعدم الطهارة فأوجب فساد العصر وإن ظن عدم وجوب الترتيب ثانيهما لو صلى هذه الظهر بعد هذه العصر ولم يعد العصر حتى صلى المغرب ذاكرا لها فالمغرب صحيحة إذا ظن عدم وجوب الترتيب لأن فساد العصر ضعيف لقول بعض الأئمة بعدمه فلا يستتبع فساد المغرب وذكر الإمام الإسبيجابي له أصلا فقال إذا صلى وهو ذاكر للفائتة وهو يرى أنه يجزئه فإنه ينظر إن كانت الفائتة وجب إعادتها بالإجماع أعاد التي صلى وهو ذاكر لها وإن كان عليه الإعادة عندنا وفي قول بعض العلماء ليس عليه وهو يرى أن ذلك يجزئه فلا إعادة عليه وذكر الفرعين المذكورين وعلل في شرح المجمع للمصنف للفرع الثاني بأن المانع من الجواز كون الفائتة متروكة بيقين فلم يتناولها النص المقتضي لمراعاة الترتيب لاختصاصه بالمتروك بيقين والحق أن المجتهد لا كلام فيها أصلا وأن ظنه معتبر مطلقا سواء كانت تلك الفائتة وجب إعادتها بالإجماع أو لا إذ لا يلزمه اجتهاد أبي حنيفة ولا غيره وإن كان مقلدا فإن كان مقلدا لأبي حنيفة فلا عبرة برأيه المخالف لمذهب إمامه فيلزمه إعادة المغرب أيضا وإن كان مقلدا للشافعي فلا يلزمه إعادة العصر أيضا وإن كان عاميا ليس له مذهب معين فمذهبه فتوى مفتيه كما صرحوا به فإن أفتاه حنفي أعاد العصر والمغرب وإن أفتاه شافعي فلا يعيدهما ولا عبرة برأيه وإن لم يستفت أحدا وصادف الصحة على مذهب مجتهد أجزأه ولا إعادة عليه ويدل عليه ما ذكره في الخلاصة معزيا إلى الفتاوى الصغرى رجل يرى التيمم إلى الرسغ والوتر ركعة ثم رأى التيمم إلى المرفق والوتر ثلاثا لا يعيد ما صلى وإن فعل عن جهل من غير أن يسأل أحدا ثم سأل فأمر بالثلاث يعيد ما صلى شفعوي المذهب إذا صار حنفيا وقد فاتته صلوات في وقت كان شفعويا ثم أراد أن يقضيها في الوقت الذي صار حنفيا يقضي على مذهب أبي حنيفة ا هـ. وفي المجتبى من جهل فرضية الترتيب لا يجب عليه كالناسي وهو قوله جماعة من أئمة بلخ وفي القدوري الكبير ترك الظهر وصلى العصر ذاكرا حتى فسد ثم قضى الظهر وصلى المغرب قبل إعادة العصر صح مغربه ولو علم أن عليه إعادة العصر لم تجز مغربه ولم يفصل في الأصل بين ما إذا كان عالما أو جاهلا قال رحمه الله: وهذا معنى قولهم الفاسد لا يوجب الترتيب هذا ما ظهر للعبد الضعيف هذا وقد ذكر في المحيط معزيا إلى النوادر لو صلى الظهر على ظن أنه متوضئ ثم توضأ وصلى العصر ثم تبين يعيد الظهر خاصة لأنه بمنزلة الناسي في حق الظهر فلم يلزمه مراعاة الترتيب ا هـ. وليس بمخالف لما قدمناه عنهم لأن فيما قدمناه كان وقت العصر ذاكرا أنه صلى الظهر بغير طهارة وفي مسألة النوادر التذكر حصل بعد أداء العصر. (قوله: وصيرورتها ستا) أي ويسقط الترتيب بصيرورة الفوائت ست صلوات لدخولها في حد الكثرة المفضية للحرج لو قلنا بوجوبه والكثرة بالدخول في حد التكرار وهو أن تكون الفوائت ستا وهو الصحيح وبه اندفع ما روي عن محمد أن المعتبر دخول السادسة واندفع ما في السراج الوهاج وغاية البيان وكثير أن المعتبر دخول وقت السابعة لتصير الفوائت ستا إذ لا يتوقف صيرورتها ستا على دخول السابعة كما لو ترك صلاة يوم كامل وفجر اليوم الثاني فإن الفوائت صارت ستة بطلوع الشمس في اليوم الثاني ولم يدخل وقت السابعة وقد يقال لما كان فائدة السقوط صحة الوقتية وهي لا تكون إلا بدخول وقت السابعة اعتبر وقت السابعة وجوابه أن فائدة السقوط لم تنحصر فيما ذكر لأنه بدخول وقت السابعة لا يجب عليه الترتيب فيما بين الفوائت أيضا كما سيأتي وعبارة المصنف أولى من عبارة الهداية والقدوري حيث قالا إلا أن تزيد الفوائت على ست صلوات استثناء من قوله رتبها في القضاء لما يلزم من ظاهرها من كون الفوائت سبعا على ما في فتح القدير أو تسعا على ما في النهاية وإن أجاب عنه في غاية البيان بأن المراد بالفوائت الأوقات مجازا للاشتباه مع ما قدمناه من عدم اشتراط دخول وقت السابعة وصرح في المحيط بأن ظاهر الرواية أن الترتيب يسقط بصيرورة الفوائت ستا موافقا لما في المختصر وصححه في الكافي وبه اندفع ما صححه الشارح الزيلعي من أن المعتبر في سقوط الترتيب أن تبلغ الأوقات المتخللة منذ فاتته ستة أوقات وإن أدى ما بعدها في أوقاتها ولهذا ذكر في الفتاوى الظهيرية لو تذكر فائتة بعد شهر لا تجوز الوقتية مع تذكر الفائتة إلا إذا كانت الفوائت ستا وقال الصدر الشهيد حسام الدين في واقعاته أنه يجوز ا هـ. وفي التجنيس أن الجواز مختار الطحاوي والفقيه أبي الليث وبه نأخذ لأن المتخلل بينهما أكثر من ست صلوات ا هـ. وفي الولوالجية وهو المختار عند المشايخ وهو موافق لتصحيح الشارح وحاصله أنهم اختلفوا هل المعتبر صيرورة الفوائت ستا في نفسها ولو كانت متفرقة أو كون الأوقات المتخللة ستا وثمرته تظهر فيما ذكرنا من الفروع والظاهر اعتماد ما وافق المتون من اعتبار صيرورة الفوائت ستا حقيقة وما ذكره الشارح الزيلعي ثمرة للخلاف المذكور من أنه لو ترك ثلاث صلوات مثلا الظهر من يوم والعصر من يوم والمغرب من يوم ولا يدري أيتها أولى فعلى اعتبار الأوقات سقط الترتيب لأن المتخلل بين الفوائت كثيرة فيصلي ثلاثا فقط وعلى اعتبار الفوائت في نفسها لا يسقط فيصلي سبع صلوات والأول أصح ا هـ. فغير صحيح لوجهين الأول أنه لا يتصور على قول أبي حنيفة كون المتخللات ست فوائت لأن مذهبه أن الوقتية المؤداة مع تذكر الفائتة تفسد فسادا موقوفا إلى أن يصلي كمال خمس وقتيات فإن لم يعد شيئا منها حتى دخل وقت السادسة صارت كلها صحيحة كما سيأتي فقوله وقيل يعتبر أن تبلغ الفوائت ستا ولو كانت متفرقة غير متصور على قوله فلا يبني عليه شيء، الثاني أن اختلاف المشايخ في لزوم السبع أو الثلاث ليس مبنيا على ما ذكر وإنما هو مبني على أن العبرة في سقوط الترتيب لتحقيق فوت الست حقيقة أو معنى فمن أوجب السبع نظر إلى الأول لأنه لم يفته إلا ثلاث فلم يسقط الترتيب فيعيد ما صلى أولا ومن اقتصر على الثلاث نظر إلى الثاني لأن بإيجاب السبع بإيجاب الترتيب تصير الفوائت كسبع معنى فإذا كان الترتيب يسقط بست فأولى أن يسقط بسبع فالحاصل أنا لو قلنا بوجوب الترتيب للزمه قضاء سبع وهي كسبع فوائت فلذا أسقطنا الترتيب وقول من أسقطه أوجه لأن المعنى الذي لأجله سقط الترتيب بالست وهو الدخول في حد الكثرة المقتضية للحرج موجود في إيجاب سبع بعينه واقتصر عليه في التجنيس من غير حكاية خلاف ثم ذكر بعده الخلاف وقال إن السقوط هو مختارنا وغيره لا يعتمد عليه وذكر الولوالجي أن من أوجب الترتيب فيه لا اعتماد عليه لأنه قد زاد على يوم وليلة فلا يبقى الترتيب واجبا. ا هـ. وصححه في الحقائق معللا بأن إعادة ثلاث صلوات في وقت الوقتية لأجل الترتيب مستقيم أما إيجاب سبع صلوات في وقت واحد لا يستقيم لتضمنه تفويت الوقتية ا هـ يعني: أنه مظنة تفويت الوقتية فالحاصل أنه لا يلزمه إلا قضاء ما تركه من غير إعادة شيء على المذهب الصحيح إذا كانت الفوائت ثلاثا أو أكثر فيلزمه قضاء ثلاث في الفرع المذكور ولو ترك مع ذلك عشاء من يوم آخر لزمه أربع ولو ترك صبحا آخر لزمه خمس ولا يعيد شيئا مما صلاه وعلى القول الضعيف ففي المسألة الأولى يصلي سبعا لأنه إما أن يصلي ظهرا بين عصرين أو عصرا بين ظهرين لاحتمال أن يكون ما صلاه أولا هو الآخر فيعيده ثم يصلي المغرب ثم يعيد ما صلاه أولا لاحتمال كون المغرب أولا وفي المسألة الثانية يقضي خمس عشرة صلاة السبعة الأولى كما ذكرنا ثم يصلي بعدها العشاء ثم يعيد السبعة الأولى لاحتمال أن تكون العشاء هي الأولى وفي المسألة الثالثة يقضي إحدى وثلاثين صلاة الخمسة عشر الأولى ثم يصلي الفجر ثم يعيد الخمسة عشر لاحتمال أن يكون الفجر هي الأولى وإنما قيدنا بكون الفائت ثلاثة فأكثر لأنه لو فاتته صلاتان الظهر من يوم والعصر من يوم ولا يدري الأول فعند أبي حنيفة يلزمه قضاء ثلاث صلوات وهو إما ظهر بين عصرين أو عصر بين ظهرين لأن المتروك أولا إن كان هو المؤدى أولا فالأخير نفل وإلا فالأول نفل وقالا لا يلزمه إلا صلاتان إلحاقا له بالناسي فيسقط الترتيب وأبو حنيفة ألحقه بناسي التعيين وهو من فاته صلاة لم يدر ما هي ولم يقع تحريه على شيء يعيد صلاة يوم وليلة بجامع تحقق طريق يخرج بها عن العهدة بيقين فيجب سلوكها وهذا الوجه يصرح بإيجاب الترتيب في القضاء عنده فيجب الطريق التي يعينها لا كما قيل أنه مستحب عندهم فلا خلاف بينهم وفي فتاوى قاضي خان أن الفتوى على قولهما كأنه تخفيف على الناس لكسلهم وإلا فدليلهما لا يترجح على دليله وقد ذكر في آخر الحاوي القدسي أنه إذا اختلف أبو حنيفة وصاحباه فالأصح أن الاعتبار لقوة الدليل فالحاصل أن الأصح المفتى به أنه لا يلزمه القضاء إلا بقدر ما ترك سواء كان المتروك صلاتين أو أكثر وقد أفاد كلام المصنف أن الفوائت إذا كثرت سقط الترتيب فيما بين الفوائت نفسها كما سقط بينها وبين الوقتية وقد صرح به في الهداية وجزم به في المحيط وعلله في غاية البيان بأن الكثرة إذا كانت مسقطة للترتيب في غيرها كانت مسقطة له في نفسها بالطريق الأولى لأن العلة إذا كان لها أثر في غير محلها فلأن يكون لها أثر في محلها أولى. ا هـ. ونص الزاهدي على أنه الأصح وبهذا اندفع ما في الظهيرية والخانية من أن الفوائت لو كثرت وأراد أن يقضيها فإنه يراعي الترتيب في القضاء وتفسير ذلك أنه إذا قضى فائتة ثم فائتة فإن كان بين الأولى والثانية فوائت ست يجوز له قضاء الثانية وإن كانت أقل من ست لا يجوز قضاء الثانية ما لم يقض ما قبلها وقيل في الفوائت إذا كثرت سقط الترتيب حتى لو قضى ثلاثين فجرا ثم قضى ثلاثين ظهرا ثم قضى ثلاثين عصرا جاز ا هـ. وأفاد كلامه أيضا أنه لا فرق بين الفوائت القديمة والحديثة حتى لو ترك صلاة شهر فسقا ثم أقبل على الصلاة ثم ترك فائتة حادثة فإن الوقتية جائزة مع تذكر الفائتة الحادثة لانضمامها إلى الفوائت القديمة وهي كثيرة فلم يجب الترتيب ولأن بالحديثة ازدادت الكثرة فيتأكد السقوط ولأنه لو اشتغل بهذه الفائتة لكان ترجيحا بلا مرجح ولو اشتغل بالكل تفوت الوقتية فتعين ما ذكرنا وقال بعضهم إن المسقط الفوائت الحديثة وأما القديمة فلا تسقط ويجعل الماضي كأن لم يكن زجرا له عن التهاون بالصلوات فلا تجوز الوقتية مع تذكرها وصححه في معراج الدراية معزيا إلى المحيط للصدر الشهيد وفي التجنيس وعليه الفتوى وذكر في المجتبى أن الأول أصح وفي الكافي والمعراج وعليه الفتوى فقد اختلف التصحيح والفتوى كما رأيت والعمل بما وافق إطلاق المتون أولى خصوصا أن على القول الثاني يؤدي إلى التهاون لا إلى زجره عنه فإن من اعتاد تفويت الصلوات لو أفتى بعدم الجواز يفوت أخرى ثم وثم حتى تبلغ الحديثة حد الكثرة كما في الكافي. (قوله: ولم يعد بعودها إلى القلة) أي لم يعد وجوب الترتيب بعود الفوائت إلى القلة بسبب القضاء بعد سقوطه بكثرتها كما إذا ترك رجل صلاة شهر مثلا ثم قضاها إلا صلاة ثم صلى الوقتية ذاكرا لها فإنها صحيحة لأن الساقط قد تلاشى فلا يحتمل العود كالماء القليل إذا تنجس فدخل عليه الماء الجاري حتى كثر وسال ثم عاد إلى القلة لا يعود نجسا واختاره الإمام السرخسي والإمام البزدوي حيث قالا ومتى سقط الترتيب لم يعد في أصح الروايتين وصححه أيضا في الكافي والمحيط وفي معراج الدراية وغيره وعليه الفتوى وقيل يعود الترتيب وليس هو من قبيل عود الساقط بل من قبيل زوال المانع كحق الحضانة إذا ثبت للأم ثم تزوجت ثم ارتفعت الزوجية فإنه يعود لها واختاره في الهداية وقال إنه الأظهر مستدلا بما روي عن محمد فيمن ترك صلاة يوم وليلة وجعل يقضي من الغد مع كل وقتية فائتة فالفوائت جائزة على كل حال والوقتيات فاسدة إن قدمها لدخول الفوائت في حد القلة وإن أخرها فكذلك إلا العشاء الأخيرة لأنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها ا هـ. ورده في الكافي والتبيين بأنه لا دلالة فيه لأن الترتيب لو سقط لجازت الوقتية التي بدأ بها ولأن الترتيب إنما يسقط بخروج وقت السادسة ولم يخرج هنا ولا يمكن حمله على ما روي عن محمد أن الترتيب يسقط بدخول وقت السادسة لأن حكمه بفساد الوقتية التي بدأ بها يمنع من ذلك إذ لو كان مراده على تلك الرواية لما فسدت التي بدأ بها أول مرة لسقوط الترتيب عنده وذكره في فتح القدير وارتضاه ورده الشيخ قاسم في حاشيته على الزيلعي بأنه مبني على ما روي عن محمد فقد نص جماعة من محققي المشايخ على أن من أصل محمد أنه إذا دخل وقت السادسة سقط الترتيب إلا أن سقوطه يتقرر بخروج وقت السادسة فإذا أدى وقتية توقف جوازها على قضاء الفائتة وعدمه فإذا قضي دخلت الفوائت في حد القلة فبطلت الوقتية لأنها أديت عند ذكر الفائتة ولذا صرح في رواية سماعة عن محمد في تعليل ذلك بقوله لأنه كلما قضى فائتة عادت الفوائت أربعا وفسدت الوقتية إلا العشاء فإنه صلاها وعنده أن جميع ما عليه قد قضاه فأشبه الناسي ا هـ. وما أجيب به في المعراج من أن المسألة مفروضة فيمن مد الوقتية التي شرع فيها إلى آخر الوقت ثم قضى الفائتة بعد خروج الوقت ولا بد أن يكون الشروع في سعة الوقت إذ لو كان عند الضيق لكانت الوقتية صحيحة رد بقوله في الكتاب صلى مع كل فائتة وقتية ومع للقران وذكر في فتح القدير ولا يخفى أن إبطال الدليل المعين لا يستلزم بطلان المدلول فكيف بالاستشهاد وحاصله بطلان أن يكون ذلك نصا عن محمد في المسألة فليكن كذلك فهو غير منصوص عليه من المتقدمين لكن الوجه يساعده بجعله من قبيل انتهاء الحكم بانتهاء علته وذلك أن سقوط الترتيب كان بعلة الكثرة المفضية إلى الحرج أو أنها مظنة تفويت الوقتية فما قلت زالت العلة فعاد الحكم الذي كان قبل كحق الحضانة ا هـ. وفيه نظر لأنا قد نقلنا عن الإمامين السرخسي والبزدوي كما في غاية البيان أنه متى سقط الترتيب لم يعد في أصح الروايتين وفي المحيط لم يعد في أصح الروايات فكيف يقال إنه غير منصوص عليه من المتقدمين وهو أصح الروايات عن المتقدمين إذ الروايات إنما هي منسوبة إليهم لا إلى المشايخ وليس هو من قبيل زوال المانع في التحقيق لأن المقتضي للترتيب مع كثرة الفوائت ليس بموجود أصلا ولذا اتفقت كلمتهم متونا وشروحا على أن الترتيب يسقط بثلاثة أشياء فصرح الكل بالسقوط والساقط لا يعود اتفاقا بخلاف حق الحضانة فإنه المقتضي لها موجود مع التزوج لأنه القرابة المحرمية مع صغر الولد وقد منع التزوج من عمل المقتضي فإذا زال التزوج زال المانع فعمل المقتضي عمله فالفارق بين البابين وجود المقتضي وعدمه ولذا كان الأصح في مسألة المني إذا فرك من الثوب ثم أصابه ماء وأخواتها عدم عود النجاسة كما ذكرنا ولو قال المصنف ولم يعد بزوالها ليكون الضمير راجعا إلى الثلاثة أعني ضيق الوقت والنسيان وصيرورتها ستا لكان أولى لأن الحكم كذلك فيها قال في المجتبى ولو سقط الترتيب لضيق الوقت ثم خرج الوقت لا يعود على الأصح حتى لو خرج في خلال الوقتية لا تفسد على الأصح وهو مؤد على الأصح لا قاض واقتداء المسافر بعد غروب الشمس في العصر بمقيم شرع فيه في الوقت لا يصح وكذا لو سقط مع النسيان ثم تذكر لا يعود ولو نسي الظهر وافتتح العصر ثم ذكره عند احمرار الشمس يمضي لضيق الوقت وكذا لو غربت وكذا لو افتتحها عند الاصفرار ذاكرا ثم غربت ا هـ. وقوله واقتداء المسافر ينتجه كونه مؤديا كما لا يخفى والذي ظهر للعبد الضعيف أن ما ذكره في المجتبى من عدم عوده بالتذكر خطا لأن كلمتهم اتفقت عند ذكر المسائل الاثنى عشرية السابقة أنه لو تذكر فائتة وهو يصلي فإن كان قبل القعود قدر التشهد بطلت صلاته اتفاقا وإن كان بعد القعود بطلت عنده وعندهما لا تبطل فقد حكموا بعوده بالتذكر ولهذا قال في معراج الدراية والنهاية أنه لو سقط بالنسيان وضيق الوقت فإنه يعود بالتذكر وسعة الوقت بالاتفاق ا هـ. ولذا والله أعلم اقتصر في المختصر على عدم العود بقلة الفوائت وإن حمل ما في المجتبى على تذكره بعد الفراغ من الصلاة فيكون محل الخلاف الترتيب بين الفائتة والوقتية في المستقبل لا فيما صلاه حالة النسيان وتذكر قبل الفراغ فبعيد مخالف لسياق كلامه في ضيق الوقت لتصريحه فيه بعدم العود ولو خرج في خلاله بقي هاهنا كلام وهو أنه بعد أن حكم باستحقاق الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت حكم بسقوطه بثلاثة أشياء فشمل النوعين وقد قدمنا أن سقوطه بكثرة الفوائت يشمل النوعين وأما بالنسيان فالظاهر شموله لهما وأما بضيق الوقت فهو خاص بالترتيب بين الفائتة والوقتية وأما الترتيب فيما بين الفوائت فلا يسقط به حتى لو قدم المتأخرة من الفوائت عند ضيق الوقت لا يجوز لأنه ليس بمسقط حقيقة وإنما قدمت الوقتية عند العجز عن الجمع بينهما لقوتها مع بقاء الترتيب كما ذكره الشارح. (قوله: فلو صلى فرضا ذاكرا فائتة ولو وترا فسد فرضه موقوفا) أي فساد هذا الفرض موقوف على قضاء الفائتة قبل أن تصير الفوائت كثيرة مع الفائتة فإن قضاها قبله فسد هذا الفرض وما صلاه بعده متذكرا وإن لم يقضها حتى صارت الفوائت مع الفائتة ست صلوات فما صلاه متذكرا لها صحيح قال في المبسوط هذه المسألة هي التي يقال واحدة تصحح خمسا وواحدة تفسد خمسا فالواحدة المصححة للخمس هي السادسة قبل قضاء المتروكة والواحدة المفسدة للخمس هي المتروكة تقضى قبل السادسة ا هـ. وهذا عند أبي حنيفة وعندهما الفساد متحتم لا يزول وهو القياس لأن سقوط الترتيب حكم والكثرة علة له فإنما يثبت الحكم إذا ثبتت العلة في حق ما بعدها فأما في حق نفسها فلا وهذا لأن العلة ما تحل بالمحل فيتغير لحلوله المحل فلا يجوز أن يكون نفس العلة محلا للعلة للاستحالة ولأبي حنيفة أن الحكم مع العلة يقترنان لما عرف في الأصول والكثرة صفة هذا المجموع وحكمها سقوط الترتيب فإذا ثبتت صفة الكثرة بوجود الأخيرة استندت الصفة إلى أولها بحكمها فيجوز الكل كمرض الموت لما ثبت له هذا الوصف استند إليه بحكمه ولهذا لو أعادها بلا ترتيب جازت عندهما أيضا وهذا لأن المانع من الجواز قلتها وقد زالت فيزول المنع وفي العناية لا يقال كل واحدة من آحادها جزؤها متقدمة عليها فكيف يكون معلولا لها لأنها جزؤها من حيث الوجود ولا كلام فيه وإنما الكلام من حيث الجواز وذلك متأخر لأنه لم يكن ثابتا لكل واحدة منها قبل الكثرة ولا يمتنع أن يتوقف حكم على أمر حتى يتبين حاله كتعجيل الزكاة إلى الفقير يتوقف كونها فرضا على تمام الحول والنصاب نام فإن تم على نمائه كان فرضا وإلا نفل وكون المغرب في طريق مزدلفة فرضا على عدم إعادتها قبل الفجر فإن أعادها كانت نفلا والظهر يوم الجمعة على عدم شهودها فإن شهدها كانت نفلا وصحة صلاة المعذور إذا انقطع العذر فيها على عوده في الوقت الثاني فإن لم يعد فسدت وإلا صحت وكون الزائد على العادة حيضا على عدم مجاورة العشرة فإن جاوزت فاستحاضة وإلا حيض وصحة الصلاة التي صلتها صاحبة العادة فيما إذا انقطع دمها دون العادة فاغتسلت وصلت على عدم العود فإن عادت ففاسدة وإلا فصحيحة ثم اعلم أن المذكور في الهداية وشروحها كالنهاية والعناية وغاية البيان وكذا في الكافي والتبيين وأكثر الكتب أن انقلاب الكل جائزا موقوف على أداء ست صلوات وعبارة الهداية ثم العصر تفسد فسادا موقوفا حتى لو صلى ست صلوات ولم يعد الظهر انقلب الكل جائزا والصواب أن يقال حتى لو صلى خمس صلوات وخرج وقت الخامسة من غير قضاء الفائتة انقلب الكل جائزا لأن الكثرة المسقطة بصيرورة الفوائت ستا فإذا صلى خمسا وخرج وقت الخامسة صارت الصلوات ستا بالفائتة المتروكة أولا وعلى ما صوره يقتضي أن تصير الصلوات سبعا وليس بصحيح وقد ذكره في فتح القدير بحثا ثم أطلعني الله عليه بفضله منقولا في المجتبى وعبارته ثم اعلم أن فساد الصلاة بترك الترتيب موقوف عند أبي حنيفة فإن كثرت وصارت الفواسد مع الفائتة ستا ظهر صحتها وإلا فلا ا هـ. ولقد أحسن رحمه الله وأجاد هنا كما هو دأبه في التحقيق ونقل الغرائب وعلى هذا فقول صاحب المبسوط إن الواحدة المصححة للخمس هي السادسة قبل قضاء المتروكة غير صحيح لأن المصحح للخمس خروج وقت الخامسة كما علمت وأطلق المصنف التوقف فشمل ما إذا ظن وجوب الترتيب أو ظن عدمه وتعليلهم أيضا يرشد إليه فما في شرح المجمع للمصنف معزيا إلى المحيط من أن عدم وجوب الإعادة عنده إذا لم يعلم من فاتته الصلاة وجوب الترتيب وفساد صلاته بدونه أما إذا علم فعليه إعادة الكل اتفاقا لأن العبد مكلف بما عنده ضعيف وعلله في فتح القدير بأن التعليل المذكور يقطع بإطلاق الجواب ظن عدم الوجوب أولا وقيد بفساد الفريضة لأنه لا يبطل أصل الصلاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعند محمد يبطل لأن التحريمة عقدت للفرض فإذا بطلت الفرضية بطلت التحريمة أصلا ولهما أنها عقدت لأصل الصلاة بوصف الفريضة فلم يكن من ضرورة بطلان الوصف بطلان الأصل كذا في الهداية وفائدته تظهر في انتقاض الطهارة بالقهقهة كذا في الغاية وأطلق في التذكر ولم يقيده بالعلم لما في الولوالجية رجل دخل في صلاة الظهر ثم شك في صلاة الفجر أنه صلاها أم لا فلما فرغ من صلاته تيقن أنه لم يصل الفجر يصلي الفجر ثم يعيد الظهر لأنه لما تحقق ظنه صار كأنه في الابتداء متيقن كالمسافر إذا تيمم وصلى ثم رأى في صلاته سرابا فمضى على صلاته ثم ظهر بعد فراغه من الصلاة أنه كان ماء يتوضأ ويعيد الصلاة كذا هاهنا ا هـ. وفي المحيط رجل لم يصل الفجر وصلى بعدها أربع صلوات من يوم شهرا قيل لا تجزئه الصلوات الأربعة في اليوم الأول وتجزئه في اليوم الثاني لسقوط الترتيب عنه لكثرة الفوائت ولا تجزئه في اليوم الثالث لكثرة الترتيب وهكذا يجري فمن كل عشرة صلوات ستة صلوات فاسدة وأربعة منها جائزة وكذا لو صلى الفجر شهرا ولم يصل سائر الصلوات يجزئه خمس عشرة صلاة من الفجر لا يجزئه غيرها وقيل أنه يجزئه الصلوات الأربعة في كل يوم إلا في اليوم الأول ويجزئه كل الفجر إلا الفجر في اليوم الثاني لأنه صلى الفجر الثاني وعليه أربع صلوات فلم يجزه لقلة الفوائت وبعد ذلك كثرت الفوائت فسقط الترتيب والترتيب متى سقط لا يعود ا هـ. واقتصر على القول الأول في التجنيس وقال أنه يؤيد قول من لا يعتبر الفوائت القديمة في إسقاط الترتيب وقد أجاب الإمام حسام الدين في نظيره في الفصل الذي قبله بخلاف هذا. ا هـ. فالمفتى به هو القول الثاني كما لا يخفى وقوله ولو وترا بيان لقول أبي حنيفة لأن عنده الوتر فرض عملي فوجب الترتيب بينه وبين الوقتية حتى لو صلى الفجر ذاكرا للوتر فسد فجره عنده موقوفا كما تقدم وعندهما لا يفسد لأن الوتر سنة ولا ترتيب بين الفرائض والسنن حتى لو تذكر فائتة في تطوعه لم يفسد لأنه عرف واجبا في الفرض بخلاف القياس فلا يلحق به غيره يضرب ويحبس حتى يصليها ولا يقتل وإذا جحد واستخف وجوبها يقتل وفي الكافي ومن قضى الفوائت ينوي أول ظهر لله عليه أو آخر ظهر لله عليه احتياطا ولو لم يقل الأول والآخر وقال نويت الظهر الفائتة جاز في الخلاصة غلام احتلم بعدما صلى العشاء ولم يستيقظ حتى طلع الفجر ليس عليه قضاء العشاء والمختار أن عليه قضاء العشاء وإذا استيقظ قبل الطلوع عليه قضاء العشاء بالإجماع وهي واقعة محمد بن الحسن سألتها أبا حنيفة فأجابه بما ذكرنا فأعاد العشاء إذا فاتت صلاة عن وقتها ينبغي أن يقضيها في بيته ولا يقضيها في المسجد إذا مات الرجل وعليه صلوات فائتة وأوصى بأن يعطى كفارة صلاته يعطى لكل صلاة نصف صاع من بر وللوتر نصف صاع ولصوم يوم نصف صاع وإنما يعطى من ثلث ماله وإن لم يترك مالا تستقرض ورثته نصف صاع ويدفع إلى المسكين ثم يتصدق المسكين على بعض ورثته ثم يتصدق ثم وثم حتى يتم لكل صلاة ما ذكرنا ولو قضاها ورثته بأمره لا يجوز وفي الحج يجوز ا هـ. وفي الظهيرية اتفق المشايخ على تنفيذ هذه الوصية من ثلث ماله واختلفوا هل يقوم الإطعام مقام الصلاة قال محمد بن مقاتل ومحمد بن سلمة يقوم وقال البلخي لا يقوم ولا رواية في سجدة التلاوة أنه يجب أولا ولو أعطى فقيرا واحدا جملة جاز بخلاف كفارة اليمين ولو أعطى عن خمس صلوات تسعة أمناء فقيرا ومنا فقيرا آخر قال أبو بكر الإسكاف يجوز ذلك كله وقال أبو القاسم وهو اختيار الفقيه أبي الليث يجوز عن أربع صلوات دون الخامسة لأنه متفرق ولا يجوز أن يعطي كل مسكين أقل من نصف صاع في كفارة اليمين فكذلك هذا فالحاصل أن كفارة الصلاة تفارق كفارة اليمين في حق أنه لا يشترط فيها العدد وتوافقها من حيث إنه لو أدى أقل من نصف صاع إلى فقير واحد لا يجوز ا هـ. والله أعلم.
|